الرياض - 17 مارس 2005

كلام الليل إهداء

أحمد أبودهمان
لأولئك الذين ينامون ملء أعينهم عن المضاربات والمساهمات في البنوك والأسهم والعقارات، لأولئك الذين يبحثون عن لقمة عيش وللمكتفين بلقمة عيش متواضعة أو بما اتفق عليه العرب بـ سد الرمق. لأولئك الذين لا حيلة لهم ولا حول ولا قوة أمام ما يحدث على وجه الكرة الأرضية من حروب وتصفيات، من أرباح وخسائر، من انتصارات وهزائم. للذين لا يعنيهم تقلب أسعار العملات وأسعار الأسهم. للمؤمنين بأن هذا الزمن ليس لهم، لمن هم خارج المتن، لأولئك القابعين في اقصى الهامش، لمن نذروا حياتهم للحب البريء كما يسمّونه، لمن يستيقظون متأخرين، وينامون كذلك. لمن ليس لديهم مواعيد ولا توقيت، لمن لا يعرفون تاريخ ميلادهم وإن عرفوه فلا يعنيهم في شيء. لمن يعرفون ان اقصر طريق الى البنك هو الا يفتح حساباً لمن ليس لهم عناوين ولا صناديق بريد، للمفلسين الذين لا يعرفون رؤوس اموالهم ولا رؤوس أموال الآخرين، للذين يعرفون أن الحج فرض لمن استطاع إليه سبيلاً، للذين يصومون لأنهم لم يستطيعوا الباءة. لمن لا يعرف سبباً لشروق الشمس وغروبها، لمن لا يعرف او يعرف ولا يهمه ما اذا كانت الأرض تدور أم لا.
لهؤلاء جميعاً ولمن لم يرد ذكرهم، أدعوهم مجدداً لاكتشاف ما في هذا العنوان من متعة، من شعر، من أزمنة. لما في لغتهم العربية من غنى وغناء.
العنوان المعني هو اسم ذلك الديوان الشعري الذي تناولته هنا قبل أسبوعين تحت عنوان «كلما لمست شيئا كسرته» هذا الديوان صدر حديثاً عن دار توبقال المغربية للنشر، وهو للصديق عبدالإله الصالحي المغربي مولداً والإنساني نسباً. وهو ديوانه الأول، وبمجرد أن أهدانيه، أبديت له إعجابي الأبدي بالعنوان وما يحمله من إمكانات لغوية مذهلة لا تتوفر على حد علمي إلا في اللغة العربية.
قال لي بالفعل واكتفى بأن قال إن في الإمكان قراءته على وجهين كما يلي:
- كلما لمستُ شيئاً كسرتُه.
- كلما لمستُ شيئا كسرتْه.
قلت لنعم وأخفيت عندما اكتشفته لحظتها ولاحقاً من امكانيات هائلة وقراءات متعددة لهذا العنوان.
أولها ما عناه الشاعر كلما لمست شيئا كسرته
ومنها ما قاله لي كلما لمست شيئاً كسرتْه
وسأورد هنا احتمالات أخرى تليق بهذا العنوان الفريد.
كلما لمستُ شيئاً كسرتَه
أو كسرتِه أو كسرتْه أو كسرتُه
كلما لمستَ شيئاً كسرتُه
أو كسرتِه أو كسرتْه أو كسرتَه
كلما لمستِ شيئاً كسرتُه
أو كسرتِه أو كسرتَه أو كسرتْه
كلما لمسَتْ شيئاً كسرتُه
أو كسرتِه أو كسرتَه أو كسرتْه
وهكذا يصبح للديوان أكثر من عشرين عنواناً أو احتمالاً. مما يزيد ثروة الفقراء من المعنيين أعلاه باحتمالات مدهشة، وحتى تكتمل متعة المفلسين نورد هنا القصيدة التي تحتوي العنوان الأساسي وهي بعنوان «الحب المذْنب»
أنتِ الآن قربَه
متمددة على رمل الشاطئ
تتأففين من القيظ وتترددين في مصارحته
أنت في مرمى ذراعيه
وأنا هنا أنتظر إشارة الانطلاق كي أبدأ حياتي معك
يداعب شعرك
بيديه الواثقتين، بحنان الزوج يدعك جلدك
الشاطئ صارخ بالألفة
تحاصرك قسوة الشمس
تستسلمين بالتدريج لإحساس بالذنب يكاد يقصم
ظهرك،
أنت قربَه وأنا هنا أتأهب لحبك
لماذا، يا إلهي، كلما لمستُ شيئاً
كسرتُه؟


أضف تعليقك | | | | أرسل إلى صديق

6 عمارة يوسف 2، إقامة الموحدين، شارع الحزام الكبير، الحي المحمدي،
الدار البيضاء 20570- المغرب
الهاتف / الفاكس: 23 23 34 522 212+ :Tél / Fax
البريد الإلكتروني: toubkal1985@gmail.com
© جميع الحقوق محفوظة دار توبقال للنشر 2005