في مجموعته الشعرية الاولى "كلما لمست شيئا كسرته" الصادرة عن دار توبقال المغربية للنشر يحاول عبد الاله الصالحي الاعلامي المغربي الذي يعمل ويقيم في باريس دخول الحداثة الشعرية من باب الحكاية او سرد شظايا التجربة الذاتية في قصائد تكسر تقليدية القصيدة العربية النثرية من السبعينات الى التسعينات. فالصالحي الذي يحب ان يسمى كاتبا فقط يخلي مكانه في المجموعة الى حكواتي يروي حالات تتولد من علاقة الشخص بالمكان وبالآخر في مدن الوطن والغربة مكررا للمرة الالف طرح سؤال الوجود ومعنى علاقة الانسان بالعالم. اما شعره فيولد من كل المفارقات التي يحفل بها عالم اليوم متمردا ساخرا حتى الوجع والانكسار. من العنوان، يتضح ان الشعر يولد من هذا الشرخ في علاقة الانسان بالعالم على المستوى الحميمي الداخلي البسيط والعلاقة بالمرأة وبالصديق. وتكاد كل قصائد المجموعة ان تذيل باهداء الى صديق او صديقة، اما الذات فهي حاضرة في ارتباطها بالآخر او في مسارها الجماعي، من هنا تنطوي قصائد عدة على كلام بصيغة الجمع. والقصيدة عند عبد الاله الصالحي تحفل بالتفاصيل الصغيرة اليومية مبتعدة عن اي ايقاع او موسيقى، وتصل السخرية السوداء الى نوع من الاحتجاج والتمرد على العالم. يقول في قصيدة عنوانها "ابوة" مخاطبا ابنه: "عندما ولدتَ، بكيت خوفا علي وعليك ويئست بحرقة". يكتب الصالحي الشعر ليكون خارج زمن العمل الذي تعتريه علاقات السلطة والقمع. واذا كان في الحياة يؤدي ما هو مطلوب منه فانه يتمرد في القصيدة ويسخر: "لاحسو الاحذية، يتفننون في الحط من معنوياتك، كي تقع في الفخ، وتكتب عنهم مثلما تفعل الآن". انها ملامح زمنه وعلاقاته وكل ما يتولد منها ليقدم قصيدة مفكرة تحاور نفسها وترتد الى ذاتها كلما انكمش حجم العالم: "حركاتنا محكمة، لكننا كالعادة نفقد التوازن خارج اللغة".يدخل الشاعر الحب كمن يدخل معركة فيها رابح وخاسر علما انه الخاسر الدائم لان المعادلة اقوى منه ولان "هزائم الحب فتكت بالكثير منا". اما الجنس فحاضر كثيرا وبعيدا عن الممنوعات ولا سيما في "مجرد عابر" التي تروي دراما الفتيات المراهقات اللواتي يبعن اجسادهن في المغرب. ويعتبر الصالحي ان الشعر وسيلة للاحتجاج "ضد نفسي أولا" لان "طريقة فهمي للعالم فيها شيء غير صحيح لهذا لا اوفر نفسي". يقوم الشعر في ديوانه على الثنائيات: قوي وضعيف، غني وفقير، ضحية وجلاد، صاحب سلطة وشاعر، عاشق ومعشوق... ويقول ان كل المواضيع والاشياء التي يعيشها تعتبر مادة للكتابة "لا افهم كيف يمكن ان اكتب عن شيء غير نابع من اليوميات. كتابة الشعر ممارسة سياسية". ولا يخفي الصالحي تأثره بالادب الاميركي حيث "الكتابة تلتصق بلحم الحياة وتتكئ على التجربة وتولي اهمية كبرى للمعاش".